عبادة الحب في الله
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيب الله
محمد بن عبد الله ،
وبعد :
أحبتي في الله :
عبادة عظيمة وأجر وافر يغفل عنه كثير من الناس
مع أن الحاجة ماسة إلى تلك العبادة في كل حين ،
وفي الآونة الأخيرة أشد .
لقد عملوا للحب عيدا ً ،
ولا يخفى ما فيه مما لا يرضي الرب جل وعلا .
، فما أحوجنا نحن المسلمون إلى تلك العبادة الأصيلة .
فما هي تلك العبادة ؟ ،
وما فضلها ، وشروطها ، وواجباتها ،
وتعالوا نمتع الآذان بشيء من أخبار المتحابين في الله .
لأن العرب تقول لصفاء الأسنان حبب .
وقيل مأخوذ من الحـُباب الذي يعلوا المطر الشديد .
وعليه عرفوا المحبة بأنها :
غليان القلب عند الاحتياج للقاء المحبوب .
وقيل مأخوذ من الثبات ومنه أحب البعير إذا برك .
، فكأن المحب قد لزم قلبه محبة من يحب فلم يرم عنه انتقالا ً .
، وقيل غير ذلك .
أحبابنا في الله :
الحب من طبيعة الإنسان ، فالحب عمل قلبي ،
ولذا كان الحب موجود منذ وجد الإنسان على ظهر هذه الأرض ،
فآدم يحب ولده الصالح ، وابني آدم كان ما بينهما بسبب المحبة ،
وتظل المحبة على وجه الأرض ما بقي إنسان .
، ولما كانت المحبة بتلك المنزلة جاء الإسلام ليهذبها ،
ويجعل هذا الرباط من أجل الله ،
فالمؤمن يحب من أجل الله ويبغض لله يوالي له ويعادي له ، وهكذا الحياة كلها لله
" قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين
لا شريك له "
وقد امتن الله عز وجل بهذا التأليف للقلوب قال سبحانه وبحمده
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا
واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءا ً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ً
وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها
كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون "
ـ وقال جل وعلا :
" وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ً
ما ألفت بين قلوبهم " .
" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم "
هذه المحبة امتدت لتشمل من رأيناهم ومن لم نرهم .
فضل الحب فى الله والتآلف لله
بقلم الشهيد حسن البنا
الحمد لله الغنى الكريم ، الرؤوف الرحيم ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،
وحبيبه وصفيه وخيرته من خلقه ،
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ، ومن تبع هداهم إلى يوم الدين ،
أما بعد فيا عباد الله ، خلقكم الله من نفس واحدة ، وأبوكم آدم وأمكم حواء ،
فأنتم إخوة فى الجنس والنسب إخوة فى الأصل والحسب ، فذلك قول الله تعالى :
" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا "
( الحجرات : 13 ) .
ثم ألف بين قلوبكم بنعمة الإسلام وأخوة الإيمان ،
فناداكم القرآن الكريم :
" إنما المؤمنون إخوة "
( الحجرات : 10 ) ،
ومن عليكم بهذه النعمة فقال :
" واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءاً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً "
( آل عمران : 103 ) .
وناداكم الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم بقوله : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " ، وقوله : " لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا " .
وقوله : " لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ،
وكونوا عباد الله إخواناً " .
ووعدكم الله على ذلك جزيل الثواب ، وعظيم الأجر ، فقال تعالى :
" أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم "
( التوبة : 71 ) ،
فماذا فعلتم فى هذه الأخوة يا عباد الله ؟ نسيتم حقوقها ، وأهملتم أمرها ،
وقطعتم رابطتها ، وفككتم أوصالها ،
وأصبح المسلمون اليوم مختلفة قلوبهم ، مشتتة أهواؤهم ،
متباعدة عواطفهم بعد أن كانوا على قلب رجل واحد .
فماذا يكون جوابكم إذا وقفتم بين يدى ربكم فسألكم : أمرتكم بالأخوة فهل تآخيتم ؟
وأمرتكم بالمحبة فيما بينكم فهل تحاببتم ؟
وأمرتكم بالتواصل والتراحم والتعارف
فهل تواصلتم وتراحمتم ؟
وكيف يكون موقفكم إذا سألكم الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فلم تجدوا لسؤاله جواباً ؟
علام تنسون الأخوة والحب يا عباد الله ؟
أتتحاسدون والحسد لا يغنى ولا يفيد ؟
أتتباغضون والبغض لا ينتج إلا العناء الشديد ؟
أم تتنافسون على حطام هذه الدنيا
وهو ظل زائل وعرض حائل ،
وما عندكم نفد وما عند الله باق ؟ .
فاتقوا الله عباد الله ،
وصلوا ما أمر به أن يوصل ،
وكونوا من المؤمنين الذين وصفهم الله بالحب والأخوة ،
ولا تكونوا كالمنافقين الذين وصفهم الله تعالى بقوله :
" تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون "
( الحشر : 14 ) .
تحابوا فيما بينكم ، وتواصلوا وتوادوا ، واتركوا البغضاء والشحناء والأحقاد والخصومات ، وأريحوا ضمائركم وقلوبكم من عناء التخاصم والتشاحن ، وأسعدوا قلوبكم بسعادة المحبة والتوادد ، فإن أسعد الناس يوم القيامة رجل أسلم لله وجهه ، وأخلص للناس قوله وعمله .
وتصوروا شخصين أحدهم يألف الناس ويألفونه ويحبهم ويحبونه ، والآخر : كثير الأعداء دائم البغضاء ، أيهما أصلح حالاً وأسعد بالاً وأهنأ ضميراً وأسلم عاقبة ؟.
ذلك فى الدنيا ، فما بالكم بالآخرة ، وقد ورد فى الحديث : " إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم " ؟ .
" أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير "
( آل عمران : 162 ) .
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
فاتقوا الله عباد الله ، وأصلحوا ذات بينكم واشتغلوا بربكم وطهروا سرائركم ، واذكروا يوماً ترجعون فيه إلى الله ،
يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ،
" ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على الآخر ويتصافحان إلا كان أحبهما إلى الله أحسنهما بشراً بصاحبه " .
فدعوة نطلقها هنا
من بيتنا الغالى بيت عطاء الخير
ومن موقع (زادالعباد)
دعوة للحب فى الله