سر ابتسامة سيدنا سليمان

تأملات في ابتسامة سيدنا سليمان عليه السلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل شعرت يوماً بالراحة والاطمئنان وأنت تدخل على شخص غاضب منك
وتراه يبتسم في وجهك؟
وهل شعرت بالسعادة وأنت تبتسم في وجه إخوانك وأصدقائك؟
وهل شعرت بأن الشفاء يسري في جسدك وأنت ترى الطبيب يبتسم
في وجهك وهو يشخص لك العلاج؟
وهل علمت بأن الابتسامة لها فعل السحر في العقول؟
وهل شعرت بانجذاب نحو شخص يبتسم في وجهك كلما رآك؟
وهل علمت أخي القارئ الكريم بأن الابتسامة أصبحت علم يدرس وفن يمارس لتحسين العلاقات الاجتماعية وتنمية الجوانب الاقتصادية والدبلوماسية،
وهل تعلم أن تم الاعتراف به كعلم في بداية القرن العشرين وسمي بعلم نفس الضحك.

لا شيء يعادل الابتسامة المشرقة، فهي سر من أسرار الجاذبية وطريق مختصر للتجاذب بين القلوب، فالابتسامة رمزا للصحة السليمة.

ذكر لنا القرآن الكريم قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع النملة
وكيف أنه تبسّم لقولها، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ سورة النمل.
وقال رسول الله عليه السلام يحث المسلمين بطلاقة الوجه والتبسم
في وجه بعضهم البعض، فقد قال:
(لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)، وقال أيضاً
( تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وقال أيضاً :
(إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق).

ويقول المثل الصيني:
إن الذي لا يحسن الابتسامة لا ينبغي له أن يفتح متجراً.

والآن إلى أهم هذه التأملات:

مختصر القصة :
سيدنا سليمان عليه السلام وجنوده يتفقدون الرعية، يمرون على وادٍ به نمل كثير فكانت القصة كما رواها القرآن الكريم. ومن الآية نستنتج ما يلي:
1- تبسم سليمان عليه السلام لكلام النملة هو بمثابة تبسم الكبير للضعيف الذي يخافه وهو لا ينوي أذاه.

2- تبسم سليمان عليه السلام لكلام النملة هو بمثابة تبسم الحاكم العادل للفقير الضعيف الذي يرجوا النجاة والخلاص دون أن يلحقه الأذى من الحاكم، وهو يرى تصرفات الضعيف الدالة على ذلك.

3- الابتسامة دلالة على أن سيدنا سليمان عليه السلام لم يقصر في حق رعيته، وأنه مرتاح الضمير ومستقر نفسياً وأنه ايجابي التعامل مع الأحداث.

4- تبسمه لكلام النملة قد يكون من إعجابه بهذا المخلوق الصغير والضعيف، كيف انه يدافع عن مملكته منادياً فيهم الدخول في مساكنهم.

5- تبسمه لكلام النملة أعطى للنملة القوة في الكلام، وهو ما نلاحظه من الآية.

6- تبسمه لكلام النملة أدى إلى إنقاذ مملكة النمل من الدمار.

ما دلالة هذه الإبتسامة

1- تبسمه دلالة على أن مطالب الضعفاء والمظلومين مجابة، وأن مطالبهم في أكثر الأحيان مقبولة.

2- تبسمه دلالة على أن للمظلوم حق أن يدافع عن نفسه أمام أي شخص كان وأن حقه راد إليه لا لظلم القوي على الفقير الضعيف، أي أن العدالة سارية آخذة مجراها.

3- على الحاكم أن يبتسم في وجه الرعية كبيرها وصغيرها، قويها وضعيفها، فقيرها وغنيها، حاضرها وغائبها، لا أن يبتسم للحاشية ويكشّر ويتهجّم أمام الرعية التي لا حول لها.

4- الابتسامة دلالة على أن الرعية في مأمن (الإنسان والحيوان ) كل مصان حقه.

5- دلالة على الشخصية السوية والمتزنة والشفافة والتي تتأثر بأي كلام صادر حتى ولو من ضعيف مهمش.

6- كلام النملة ذكّره بأن هناك في مملكته من لا يحسّ بهم إلا أن يلتقي بهم بموعد أو بغير موعد، فكان درس عظيم للحاكم العادل.

7- تبسمه شرح صدره بأن يدعوا الله تعالى ويشكر نعمه الجزيلةلأنه فهم قول النملة .

8- دلالة على أن المملكة في مأمن، لا خيانات ولا انقلابات.

9- دلالة على توفر العدالة الاجتماعية للجميع حتى الحيوان الصغير الذي له الحق بعيش رغيد في ظل حكم عادل.

10- وجود فسحة في حياة الحاكم وحياة الداعية فيه من اللهو المباح يتضمن الكلام الذي في نوع من الدعابة واللطائف، لتفريغ ضغوطات المسؤولية والحياة.

11- دلالة على وجوب اتخاذ الحاكم ندماء وظرّاف للترويح عنه بإلقاء النكت والطرائف البعيدة عن المجون، لتجديد حياة الحاكم اليومية، وإخراجه من دائرة الملل والروتين.

ومهما اكتب من تقدير لكم لا اجد من يعطيكم حقكم

بارك الله فيكم

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال

جزاكم الله خيرا

» الصلاة والسلام على سيدنا محمد
» جرأة سليمان جودة على القرآن والرسول
» سيدنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وسيد الشهداء رضى الله عنه