حديث من القلب الى القلب

السلام عليكم ورحمة الله
قرأت هذه المقالات واردت أن اسردها عليكم
لعل فيها من الموعظة ما يفيد ----

إحساس صعب أن تشعر بأن بعدك عن الله -عز وجل- يجعلك تفقد البوصلة التي ترشدك في دروب الدنيا المظلمة، ويقتل في داخلك أي شعور بالاطمئنان، إلى درجة الوصول إلى التوجع من الحياة نفسها، وكأن الدنيا أصبحت ثقيلة على نفسك، وأنفاسك تسبب نزيفا في صدرك إذا ما عادت إليه مرة أخرى، وتتمنى لو خرجت منه بلا عودة.

هذا ليس كلامي، وإنما فضفضة من أعماق قلوب أنّت بعدما رحلت عن رحاب الله ومعيّته، حاولت أن تستمر في بعدها أكثر وأكثر في يأس من العودة وغرور بالمعصية، ولكنها أدركت أن البعد عن الله أصعب شيء عليها؛ فهل يأتون بأرض غير أرضه يعصونه عليها، أو بسماء غير سمائه يبيتون تحتها، أو ربما يأتون برزق من غير ما قسمه يعيشون عليه؟! والأكثر من ذلك أن الله هو صاحب الفضل المباشر في العودة إليه.

الله يعرِّف نفسه

تحكي-ربة منزل- عن تجربتها مع التوبة قائلة: الله كان دوما معي في طريقي إليه، لم يتركني حتى وقت بُعدى عنه، بل كان يشدني بقوة قبل أن أغرق في المعاصي؛ ففي فترة ما انتشرت أفكار إلحادية جعلتني أفكر في فكرة عدم وجود خالق لهذا الكون، فنمت ورأيت في المنام أن السماء مضيئة بشدة وتزينها لوحة غاية في النور مكتوب عليها بالبنط العريض: {الله نور السماوات والأرض}، فعدلت عن ظني السيئ، واستغفرت ربي إنه كان غفارا".

وحدث مرة أخرى أنني انقطعت عن الصلاة ولم أنتظم فيها، فرأيت أبي في صحن الكعبة وهو يرتدي ملابس الإحرام ويقول لي -وأنا معه أيضا في الكعبة-: "صلي بقة يا فيفي، صلى بقة"، فسجدت على أرض الكعبة أقبلها، ومنذ هذا الوقت وأنا منتظمة في الصلاة، والحمد لله الذي هداني إليه.

نجاني وناجاني

وأخرى- تحكي عن قصة مختلفة تود أن تسردها لنا: "كثيرا ما أشعر بالبعد عن الله، ولكن هذا الإحساس لم يأتِني إلا عندما التزمت بالفعل؛ فإذا سرقني الوقت ليلا وانشغلت ولم أصل القيام أشعر بأنني بعيدة عن الله، وأنه يقول لي: لا أريدك.. ما دمت جربت القرب مني.. فكيف تبعدين؟!

وفى بداية التزامي كنت أستشعر بالقرب الشديد من الله، إلى درجة الإحساس بأنني معه وحدي في الكون، وكانت قصة التزامي بسبب مشكلة كبيرة وقعت فيها.

جاء الالتزام بعد توبة من ذنب كبير ارتكبته في حق أهلي؛ فقد رفع أخي سماعة التليفون علي وأنا أتحدث مع شاب، وهذا في عرف عائلتنا أمر في غاية الخطورة، إلى درجة جعلت أخي لا يتحدث معي ولا يستطيع أن ينظر إلي، ولم يستطع مواجهتي.

كنا وقتها قبل رمضان؛ فدعوت الله أن يخرجني من هذا الكرب وتمر المشكلة بسلام، على عهد مني ألا أفعل ذلك مرة أخرى، والحمد لله اجتزت المحنة، ووقف الله بجواري بشكل لم أكن أتخيله؛ فقد تقدم لي هذا الشاب، واشترط على أهلي الزواج فورا، وكنت وقتها في الفرقة الثانية، ولكن أهلي اشترطوا تأجيل الزواج بعد الثالثة، ولكنه رفض بشدة، وتزوج بعدها مباشرة، وحدثت له مشاكل كثيرة في الزواج نجاني منها الله".

**********
وأخرى تقول : مشكلة أخرى وقعت فيها لم ينجِّها منها إلا الله رغم بُعدها عنه؛ مما جعلها تخجل من نفسها وتعود إليه، تقول : "جاءت علي فترة اسودَّ فيها قلبي، ولم يعد به ذرة حنان لأي إنسان، عندما سافر زوجي للعمل في السعودية، واضطررت للإقامة عند حماتي وأنا معي طفلة وفى نفس الوقت أدرس في كلية التجارة، وبالطبع كنت أعمل خادمة عند حماتي، ولم تكن تطعمني وأنا مقيمة في بيتها، فتدهورت صحتي، وتعبت معي ابنتي نفسيا، ولم أستطع المذاكرة جيدا، ووصل بحماتي الأمر إلى درجة أنها طردتني من بيتها أمام الجيران، ولم يكن هناك مكان آخر أعيش فيه اللهم إلا في شقتي وحدي، وهو ما اعترض عليه زوجي، ولم تكتف هي بذلك وإنما اتصلت بزوجي في السعودية وقالت عني كلاما غير صحيح، ويشهد الله على ذلك. ومع كل هذا الضيق وبعدي عن الله بسببه أوقف الله إلى صفي أولاد الحلال الذين نصروني أمام زوجي وأمام الناس، وهم من معارفها؛ فكأن الله أوقف الغرباء إلى صفي على من عادوني من أهلي، وإلى جانب كل هذا الكرم نجحت في هذا العام والحمد لله

العودة أسهل شيء

أما هذه - فتقول: "إن مسألة القرب والبعد عن الله تتكرر كثيرا؛ لأن العلاقة ليست في اتجاه واحد، وإنما هناك تذبذب، وعادة ما أشعر بالبعد عن الله في حالة ارتكاب معاصٍ حتى وإن لم تكن كبيرة، ولكن الإصرار عليها يولد في القلب ظلمة نتيجة الإصرار عليها وعدم الاستغفار أول فأولا، والمعاصي التي يصعب التخلي عنها هي تلك التي نفعلها ونحن على علم بأنها معاص مع الإصرار على فعلها للاستمتاع بها، وهو في الحقيقة استمتاع زائف.

وعن تجربتي فإن ربنا يسهل العودة إليه؛ فمجرد الإحساس بالذنب والاستغفار منه مع الإصرار على عدم العودة إليه يعود الإنسان إلى ما كان وأفضل، وهو بنفسه سوف يستشعر بقبول الله له من عدمه، ولن يشعر به غيره.

وأكثر شيء يجعلني أشعر بالراحة والتخلص من عبء الذنوب الصدقة؛ لأنك تبرهن من خلالها لله أنك تريد أن تفعل أي شيء حتى يرضى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لك العتبى حتى ترضى"، فأنت تدفعها للفقير من مالك، وتبذل العطاء للآخرين في سبيل إسعادهم، وتبعد عن ذاتك وأنانيتك".

علاقة خاصة

و طالبة كان لها رأي في المسألة؛ فهي تجد نفسها عندما تبتعد عن الله مختنقة النفس، ضاقت عليها الدنيا بما رحبت، تكالبت عليها هموم الدنيا، عقدت أمورها كلها، وانفرطت منها مشاغلها، واستشعرت بأن يد الله التي كانت في معيتها ولت عنها حتى ترجع بنفسها لصوابها؛ فهذه هي المعادلة التي عليها الحفاظ عليها، حتى تنال رضاه الذي يسهل لها كل شيء.

على العكس رأى محمد -بكالوريوس حقوق القاهرة- أن علاقته بالله لا تؤثر على حياته، فقط تتعلق بالراحة النفسية التي يشعر بها وليس لها دخل بأي شيء آخر، ويضيف محمد: "أود الإشارة إلى أن الذي يقوم بذنب ما إذا ما استمر في فعله بعد فترة فلن يشعر بالألم الذي كان يشعر به أول مرة؛ لأنه سيتحول من ذنب وسلوك لم يألفه إلى عادة؛ فالسجائر مثلا أتحدى من يقول: إنه تعود عليها ويشعر كل مرة يشربها فيها بأنها ذنب وأنها سوف تغضب الله، ولكن هذا الإحساس ما يلبث أن يموت بعد فترة قصيرة، عندئذ يصعب جدا عليه أن يتوقف عنها؛ لأنه لم يعد لديه الدافع الذي يجعله يتوقف عنها؛ فقد أصبحت عادة لن يتذكر معها الإحساس البريء الذي كان يقتله إذا ما قرب من المعصية".

الثقة بالله

و يقول آخر: عن موضوعنا"طبعا كل واحد يمر بتجربة البعد عن الله؛ لأن الإيمان يزيد وينقص، ولا بد أن يشعر الإنسان بهذا النقصان حتى تزداد حلاوة الإيمان مع العودة إلى الله، عندئذ يشعر بالراحة وبأنه عاد لصوابه؛ فالذنوب ابتلاء، وطريق العودة سهل لأن الله كبير، ويقبل التوبة عن عباده؛ فلا بد من الثقة فيه وسرعة العودة إليه، مع المحافظة على الطاعات، أليس الله أفرح بعودة عبده ممن عادت إليه ناقته وحاجاته بعد أن ضلت منه في الصحراء؟!".

ويبقى السؤال لكل واحد فينا: هل أنت بعيد عن الله؟ وإلى متى؟ أما آن لك أن تعود إلى الله قبل أن تتمنى ولكن ربما سبقك القطار؛ فساعتها لا ينفع الانتظار.

جزاكم الله خيرا وجعلة فى ميزان حسناتك

صابر حسن كتب:: جزاكم الله خيرا وجعلة فى ميزان حسناتك

واياك اخى الكريم

وليد الحلوانى كتب:

» حديث مسح اللقمة واكلها
» معنى حديث هلك المتنطعون
» حديث يخوف الشيخ محمد حسين يعقوب