الزكام ولا الجذام ..
الأعراض والأمراض درجات ومراتب فمنها ما يشفى مباشرة ومنها يشفى بعد مدة ومنها
ما هو عضال لا أمل فيه...
والسنة أن يتداوى الإنسان
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمْ
الطَّيْرُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى
فَقَالَ:
" تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ "
أبو داود /3375/
وكما يمرض الإنسان تمرض المجتمعات..
وأمراض المجتمعات درجات كما هي أمراض الإنسان
منها مرض يحتاج إلى أدوية لشفائه
منها مرض يحتاج إلى صبر في تطبيبه
منها مرض يحتاج إلى عمل جراحي
منها مرض يحتاج إلى بتر
منها مرض عضال لا أمل فيه
منها مرض يحتاج إلى نقاهة وعزلة
و منها مرض يحتاج إلى معالجة فيزيائية وتدريب
و منها مرض يحتاج إلى معالجة فكرية وتأهيل
والنبي صلى الله عليه وسلم عالج أمراض مجتمعه بكل أنواع الأدوية
فما من علة في المجتمع أو الأفراد إلا ولها علاج ودواء
فصبر على أبي سفيان صبراً كثيراً حتى أسلم وصبره هذا دام سنوات طويلة فقد أسلم أبو سفيان في فتح مكة كان ذلك في السنة الثامنة للهجرة وحسن إسلامه بعدما خاض كل حروب المشركين ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وداوى بأدوية عديدة كثيراً من الصحابة
رأى أنه لا أمل في عمه أبي لهب فهو مرض عضال فأوحى الله إليه أنه لا أمل فيه ولا في زوجته أروى بنت أبي سفيان وأنزل الله عليه قوله :
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{1} مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ{2} سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ{3}
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ{4} فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ{5}
وأجرى عملية جراحية فاستأصل كعب بن الأشرف وبتر أبا جهل..
وحاور عدي بن حاتم الطائي محاورة فكرية حتى أسلم
وأحال خالدَ بن الوليد إلى منطق العقل، فقال له:
"إنّي أرى لك عقلاً لا يدلُّك إلاَّ على الخير"
وحجر حجرا اجتماعيا كعبَ ابن مالك ورفيقيه خمسين يوما عندما تخلفا
عن غزوة تبوك وهكذا...
فإنك ترى أن كل علة لها دواء
وبراعة الطبيب تكمن في نقطتين :
1 – معرفة وتشخيص الداء .
2- معرفة الدواء الذي يصادف الداء فيشفى بإذن الله تعالى
عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
" لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " مسلم/ 4084/
وهذا الحديث المبارك كما يشمل الأمراض العضوية فإنه أيضا يشمل الأمراض
كلها بما فيها أمراض المجتمعات
في المجتمع المسلم مشاكل نتجت عن عدم معرفة هذه القاعدة البديهية
من هذه المشاكل :
1- عدم التشخيص الداء الاجتماعي بشكل صحيح .
2- عدم معرفة الدواء الصحيح .
3- عدم إنزال الدواء الصحيح في مكانه وقدر جرعاته .